mohannadbari

بعد صدور حكم الاعدام بحقها، الايرانية ريحانة جباري تكتب رسالة إلى والدتها

بعد صدور حكم الاعدام بحقها، الايرانية ريحانة جباري تكتب رسالة إلى والدتها

1414588042.228660.inarticleLarge

 

رسالة ليست لوالدتها وحسب بل هي للانسانية جمعاء، لكل من بقي في دمه ذرة انسانية. ريحانة لم تهوَ القتل والموت أبدا وإلا ما الذي يجعلها حريصة على أن تستمر بالوجود بأعضائها في حيوات الآخرين؟! ريحانة لم تكن مهزومة ولا ضعيفة تقبل بما يفرضه المجتمع الشاذ عليها وعلى بنات جنسها بل كانت نموذجا للجميلة الصلبة المحبة الحياة في مواجهة الظلاميين. حتى بعد صدور حكم الاعدام عليها قررت ريحانة أن تكون كما الأنبياء وصية للانسانية وقربان للثورة على كل المفاهيم الظالمة والبائسة والتقليدية. تحيا ريحانة ويموت المجتمع الظلامي.
نص الرسالة:

“شعلة قلبي الحنونة، في الآخرة، سنوجه نحن الإتهام وسيكونون هم المتهمون، دعينا ننتظر إرادة الله، أردت أن أضمك حتى أموت، أحبك.
عزيزتي شعلة، علمت اليوم أنه قد جاء دوري للقصاص، أشعر بالأسى لأنك لم تخبريني أني قد وصلت إلى نهاية رحلتي في الحياة، ألا تعتقدين أنه من حقي أن أعرف؟، أتعلمين أشعر بالخزي لأنك حزينة، لماذا لَمْ تمنحيني الفرصة لاعتذر وأقبل يديك، ويدي أبي لمدة قصيرة.
لقد عشت 19 عاما في هذا العالم، وتلك الليلة المشؤومة كان يجب أن أكون أنا القتيلة، جسدي كان سيلقى في زاوية في المدينة، وبعد أيام من القلق ستستدعيك الشرطة إلى الطبيب الشرعي للتعرف عليّ، وستدركين أنه تم اغتصابي، لم يكن أحداً ليتوصل إلى هوية القاتل لأننا لا نملك أموالهم ولا نفوذهم عندئذ كنت ستكملين بقية حياتك في معاناة وفي عار، وكنت ستموتين كمداً بعد بضع سنين، وتنتهي القصة، لكن بتلك الضربة اللعينة تبدلت القصة، لم يُلق جسدي جانباً بل أُودع في قبر سجن إيون بعنابره الانفرادية، والآن في سجن شهرري الذي يشبه القبر، استسلمي للقدر ولا تشتكي، إنت تعلمين أكثر مني أن الموت ليس نهاية الحياة، تعلمت منك أن المرء يولد في هذه الحياة لكي يكتسب خبرات ويتعلم دروسا، وأن كل امرء بما كسب رهينة، تعلمت أنه يجب على المرء أحياناً أن يقاتل، لقد أخبرتني أن المرء يجب أن يثابر حتى يعلي قيمته حتى إن كان جزائه الموت، تعلمت منك وأنا أخطو للمدرسة أن أتحلى بالأخلاق الرفيعة في مواجهه الشجار، هل تذكرين إلى أي حد كنت تشددين على الطريقة التي يجب أن نتصرف بها، لقد كانت تجربتك خاطئة.

حين وقعت الواقعة لم تساعدني مبادئي، حين قُدمت إلى المحاكمة بدوت امرأة تقتل بدم بارد مجرمة لا تملك ذرة من الرحمة، لم تسقط مني دمعة واحدة، لم أتوسل إلى أحد، لم يغمرني البكاء، لأني وثقت في القانون، لكني أتهمت بالاميلاة أمام الجريمة، أترين، لم أكن أقتل حتى الحشرات، أصبحت في لحظة قاتلة مع سبق الإصرار، لقد فسروا معاملتي للحيوانات على أنه نزوع لأن أصبح ذكراً، ولم يكبد القاضي عناء النظر إلى أني كنت أملك حينها أظافر طويلة ومصقولة، كم كان متفائلاً من ينتظر العدالة من القضاة، لم يلتفت القاضي إلى نعومة يدي بشكل لا يليق بأمراة رياضية أو ملاكمة بالتحديد.

البلد التي زرعت فيا حبها لم تكن تبادلني الحب، ولم يساعدني أحداً وأنا تحت ضربات المحقق وأسمع أحط درجات السباب، وحين تخلصت من باقي علامة الجمال الباقية في جسدي أعطوني مكافئة 11 يوما في الحبس الإنفرادي.
عزيزتي شعلة، لا تبكي على ما تسمعيه مني الآن، في أول يوم لي في مركز الشرطة أذاني ضابط كبير السن وليس متزوج بسبب أظافري، عرفت يومها أن الجمال ليس من سمات هذا العصر، جمال المظهر، الأفكار والرغبات، جمال الخط، جمال العين والرؤية ولا حتى جمال الصوت الجميل، أمي العزيزة، تغيرت فلسفتي وأنتِ ليست مسئولة عن هذا، وهي ليست من مسؤوليتك، لن تنتهي كلماتي فقد أعطيتها لشخص تعهد بأن يرسلها إليك بعد أن يتم إعدامي دون حضورك أو علمي، لقد تركت لكي الكثير من الكتابات ميراثاً، لكن وقبل أن أموت أريد أن أطلب منط أمراً يجب عليك تلبيته بكل ما تستطيعين من قوة، وبأي طريقة، هذا الأمر الوحيد الذي أريده من العالم ومن هذا البلد ومنكِ، أعلم أنك تحتاجين وقتاً لإعداده لذا أخبرك جزء من وصيتي قبل الموت، لا تبكي واسمعيني جيداً، اريد منك بأن تذهبي للمحكمة،وتعلني رغبتي، لا يمكنني كتابة هذه الرغبة من داخل السجن لأن مدير السجن لن يسمح بمرورها، لذا سيتوجب عليكي أن تعاني من أجلي مرة أخرى، هو الأمر الوحيد الذي لن أغضب إذا اضطررت أن تتوسلس من أجله.
أمي الطيبة العزيزة شعلة الأعز إليّ من روحي، لا أريد أن أتعفن تحت الثرى، لا أريدي لعيني أو لقلبي الشاب أن يتحول إلى تراب، توسلي إليهم ليعطوا قلبب، وكليتي، وعيني، وكبدي، وعظامي، وكل ما يمكن زرعه في جسد آخر هدية إلى شخص يحتاج إليهم مجرد إعدامي، لا أريده أن يعرف أسمي، ويشتري لي زهوراً، أقول لك من صميم قلبي أني لا أريد أن أُوضع في قبر تزورينه وتعانين، لا أريدك أن ترتدي ثوب الحداد الأسود، أبذلي ما في وسعك لتنسي الأيام الصعبة، واتركيني لتبعثرني الريح، لم يحبني العالم، ولم يتركني لقدري، أنا استسلم الآن وأقابل الموت بصدر رحب، أمام محكمة الله سأوجه الإتهام للمفتشين وقضاة المحكمة العليا الذين ضربوني وأنا مستيقظة ولم يتورعوا عن التحرش بي، أمام الخالق سأوجه الإتهام لكل من ظلمني”.

 

mohannadbari

الربا مش حرام!

الربا مش حرام!

عند أرسطو” إن أسوأ شيء في كسب النقود وأبغضها هو الربا” لأن قصد النقود هو التبادل لا أن تزيد عن طريق الفائدة. وهذا الموقف نتيجة حكم أخلاقي يرى فيها أرسطو أن الفائدة انتزاع غير لائق للنقود. وبالعودة للنظام الاقتصادي السائد زمن أرسطو نجد أن الفائدة متعلقة باشباع الحاجات بعيدا عن الاستثمار. فلا ينظر إلي الفائدة كتكلفة انتاج، إنما كشيء يفرضه الأسعد حظاً على الأقل حظاً. وهذا الذي يفسر موقف أرسطو.

في العصور الوسطى كرر اللاهوتي توما الاكويني حكم أرسطو فقال:”إنه لإثم عظيم أنيمارس الاحتيال من أجل بيع شيء بأكثر من سعره العادل”. وهنا نجد أن الأكويني قد ارتكز أيضاً على الأخلاق في تعاطيه مع الاقتصاد. حيث جَوهر القضية نحو عدالة السعر. وهكذا كان تطبيق السعر العادل يفرض بوصفه التزاما دينيا.  وبالعودة لاقتصاد القرون الوسطى في أوروبا نجد أن الأسواق لم تكن إلا جزءا صغيرا من بنية الحياة اليومية. 

لكن في أعقاب توسع السوق والحاجة لمبادلة النقود بالنقود والنقود بالاشياء، أعيد تعريف الفائدة بأنها ما يدفع مقابل رأس مال انتاجي – عندما أصبح واضحا أن الشخص الذي يقترض نقوداً يحقق من هذا الاقتراض نقودا، أصبح من الضروري على المقترض بكل العدل والانصاف أن يقسم بعض العائد مع المقرض الأصلي- أصبحت الفائدة حسنة السمعة. وعندئذ تم تصحيح المفاهيم الدينية والأخلاقية لتتلاءم مع هذا الوضع الجديد.

ــــــــ
* مقتطفات أعيد ترتيبها وصياغتها. بالامكان العودة للمرجع الأصلي في كتاب: تاريخ الفكر الاقتصادي الماضي صورة الحاضر.

dollar_symbol_m